الثورة الزراعية ومرحلة الشراكة الإنتاجية

  • يحيى الربيعي
  • نشر بتاريخ:25-08-2021
  • قراءات: 848

 

الحراك التنموي الثوري الذي يقوده المجتمع اليمني في إطار موجهات القيادة الثورية في خطابات السيد القائد عبدالملك الحوثي حفظه الله ومصفوفة الرؤية الوطنية لبناء الدولة اليمنية الحديثة هو حراك تنموي من أجل رفع مستوى وعي المجتمعات بأهمية المشاركة المجتمعية في تحمل المسؤولية العامة انطلاقا من توليد الشعور لدى المواطنين بأنهم ملاك هذه التنمية وليسوا أجراء أو مجرد مستهلكين نفعيين.
لقد حققت جهود الجهات المعنية بالتدريب والتأهيل لفرسان التنمية واللجان الزراعية درجة عالية من الفهم والإدراك لدى أفراد المجتمعات المحلية في عموم المحافظات بأنهم هم المستفيدون الحقيقيون من استمرار دوران عجلة المشاريع التنموية في تلبية احتياجاتهم من مدخلات زراعية وشق قنوات مياه الري، ومن استمرار هذه الطريق في تسهيل مهمة نقل منتجاتهم وتسويقها وتوفير مدخلات من هنا وهناك، وبذلك صار الناس- هنا- أكثر حرصا من ذي قبل، وأسرع اطلاعا بمسؤولياتهم في الحفاظ عليها وصيانتها.
وفي ذلك عملت اللجنة الزراعية العليا بالشراكة مع وزارة الزراعة والري ومؤسسة بنيان التنموية ومعهم السلطات المحلية على ترسيخ مفهوم أن دور الدولة يتوقف على التحفيز والتفعيل والتنسيق والقيادة والرقابة، وليست معنية وجوبا الاضطلاع بكامل المسؤولية ايمانا من القيادة الثورية والسياسية بوجوب تفعيل منهجية التفويض ووضع عدد من المسؤوليات على الجمعيات التعاونية وبيوت المبادرات التي تنبع كوادرهما من أوساط المجتمع بيئة الإنتاج من أجل تحريك عجلة النهوض التنموي بشكل أسرع وأكثر تشاركية في المسؤولية وأوسع نطاقاً تنفيذياً من أجل تحقيق النهوض بهذه المديرية أو تلك إلى المصاف الإنتاجي المفترض أن تحتله في قوائم الإنتاج.
وتخطو الثورة الزراعية بخطوات متتابعة، وبخطط مرحلية، فقد عملت في البداية على تهيئة وتكوين الشباب للعمل الطوعي، وتم تدريبهم على أساليب وطرق فنون تحفيز المجتمعات على المشاركة في التنمية من خلال تحفيزهم نحو اطلاق المبادرات بالمشاركة المجتمعية، فعملت على تأهيل حواجز مائية في العديد من مناطق مجاري السيول، وفي تحصين وعلاج الثروة الحيوانية، وفي إصلاح وإعادة تأهيل حراثات وشيولات المرافق الحكومية وتحشيد إمكانيات المجتمع، والقيام بحملات النظافة في الطرقات وتوعية وإرشاد المواطنين إلى أساليب الوقاية الدائمة من الأمراض كل حسب ظروف بيئته.
وقبل هذا وذاك كان الوعي داخل المجتمعات وعي فردي كل واحد يعمل في شعب لوحده لا يطيق مجرد الحديث مع جاره أو قريبه عن عمل جماعي في تنظيف حي أو إصلاح قصبة مشروع مياه عامة، أو ردم حفرة مستنقع، وبحمد الله تم تهيئة الناس هنا للعمل الجماعي للعمل المشترك للتعاون، للغرم للجايش.
فكانت بيوت المبادرة هي المرحلة الأولى في هذا الإطار.. الآن، صار لدى المجتمعات احتياجات أكبر، وأوسع، فقد توسعت المدارك، واتضحت معالم أهداف جديدة للثورة الزراعية لها علاقة بمشاريع البناء الحضاري والشراكة الإنتاجية وإثبات الوجود الاقتصادي والتنموي بصورة بعيدة عن الارتجالية والعشوائية التي سادت البلاد لعقود امتازت إدارتها بسياسة فرق تسد.
المرحلة الثانية والمزمع تدشينها خلال الأيام المقبلة جاءت لتلبي هذا النوع من الاحتياج، ومن خلال العمل على توعية هذه المجتمعات بالطرق والقواعد الصحيحة لتشكيل الجمعيات الزراعية متعددة الأغراض، على اعتبار أن هذه الجمعيات لها قدرة أكبر، فهي من سيخول إليها التعامل مع الجهات الحكومية ومن سيتولى التعاقد والتخاطب مع موردي وتجار المدخلات الزراعية، وهي من سيتولى البحث عن الأسواق للمنتجات والمحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية.
وبهكذا مرحلة نستطيع القول بأننا انتقلنا من مرحلة اللجان الزراعية وبيوت المبادرات إلى مرحلة الجمعيات؛ انتقلنا من مرحلة توعية وتحفيز وتأهيل المورد البشري بحيث تتم إعادة توجيه الطاقات، إلى مرحلة إدارة وتنظيم عملية الإنتاج.. ما يعني أن الفترة القادمة هي فترة عمل أكبر، وفيها أموال سيتم تحريكها، أموال حكومية، وأموال قطاع خاص، وأموال مجتمعية.. بالتأكيد هذه الأموال كانت موجودة ومتحركة من سابق، لكن كان هناك ضعف الوعي وسوء إدارة من قبل القطاعات الثلاثة حكومة ومجتمعاً ورأس مال، وكل ما سيتم اليوم هو إجراء عملية التنسيق بين هذه القدرات وتوحيد الطاقات نحو أهداف إنتاجية وتنموية لها مردود يراه الجميع ويستفيد من تشغيله الجميع.
------------------