اليمن: زراعة الفول السوداني بحاجة للاهتمام

  • نشر بتاريخ:17-03-2021
  • قراءات: 1810

حلم اخضر - تقرير
في الجنوب الشرقي من مدينة تعز جنوب غرب اليمن، تقع مديرية الصلو، والتي تشتهر بزراعة عدد من المحاصيل الغذائية. إذ يعتمد السكان على مياه الأمطار الموسمية التي تهطل في فصل الصيف.
تتميز مديرية الصلو كبقية مديريات الحُجرية، بخصوبة تربتها واراضيها الزراعية، والتي تزرع كافة أنواع الحبوب في مدرجاتها الزراعية، بالإضافة إلى بعض الفواكه والخضروات.
ولعقود طويلة، اشتهرت هذة المنطقة بمنتجات زراعية ارتبطت باسمها بسبب جودتها، منها: البصل، البطاط، والجزر الأحمر. وفي السنوات الماضية، دأب الفلاحون في ريف الصلو على زراعة محاصيل الفول السوداني، والذي يطلقون عليه محلياً اسم “اللوز”. في حين تطلق عليه مناطق يمنية أخرى اسم “حب العزيز”.

8 مناطق لزراعة الفول السوداني: 
بالرغم من عدم وجود إحصاءات متوافرة عن كمية انتاج مديريات محافظة تعز للفول السوداني، إلا أن الفول السوداني المزروع في منطقة الصلو ذات الجبال الشاهقة، بمذاقه المميز وبجودته العالية، وهو يباع داخل أسواق المديرية.
وفقاً للمهندس الزراعي طلعت هائل، تنتج الأراضي الزراعية في الصلو، الفول السوداني بأماكن متعددة، ويقول لحلم أخضر: “تعتبر عزلة الشرف وعزلة الضعة وعزلة القابلة وعزلة العكيشة والأشعوب، من المناطق الأكثر زراعة للفول السوداني”.
ويضيف المهندس طلعت: “بالإضافة لتك المناطق يزرع الفول السوادني في عزلة الحود، والعقيبة، والصيار، وصولا الى منطقه الصيرتين، وباتجاه الغرب هيجة الذنيب وقحفة المشارعة والبطنة ووادي الجنات الذي يعد المكان الأكثر زراعة للفول السوداني في المنطقة”.
تبلغ مساحة مديرية الصلو حوالي 89.3 كم2، لكن ليس هناك بيانات دقيقة عن حجم مساحة الأراضي الزراعية المنتجة للفول السوداني في محافظة تعز بشكل عام. لكن المهندس طلعت يرى “ان نسبة المساحة المزروعة بالفول السوداني تبلغ 15% من اجمالي مساحة الأراضي الزراعية في الصلو”، على حسب تقديراته.

مراحل زراعة الفول السوادني: 
تمر زراعة الفول السوداني بعدد من الخطوات والمراحل، بحسب ما يقوله المهندس الزراعي وديع عبده سعيد، وهو يعمل في وزارة الزراعة والري.
وقال المهندس وديع لـ حلم أخضر: “تبدأ الخطوات الاولي في اختيار البذور،و يتم اختيار البذور من ثمار ممتلئة كبيرة تحوي أكثر من بذرة سليمة غير مشوهة وغير مريضة. ثم يتم تقشير الثمار قبل أيام قليلة من الزراعة حتى لا تكون جافة عند زراعتها فيما لو تم تقشريها قبل وقت طويل لهذا يجب الابقاء على القشرة المحيطة بالبذور”.
ويضيف المهندس وديع: “يجب أن تكون البذور جديدة، بحيث لم يمض عليها أكثر من موسم، وتكون غير مكسرة أو مشوهة لأنها -في حال ذلك- لن تنبت”.
تبدأ زراعة بذور الفول السوداني في منطقة الصلو، في الفترة الممتدّة من شهر أيّار/مايو حتى حزيران/يونيو، إلا أنّ زراعة البذور في أوائل أيار/مايو تعطي منتجاً أفضل من حيث حجم الحبات وكميتها، لكن الامطار تكون عامل رئيسي في المواعيد في مناطق الزراعة المطرية.
ويقول المهندس وديع: “يتم زراعة البذور بعد إثارة التربة وتتم بالطرق التقليدية في الزراعة اليمنية بـ “المفارس” او “الأثوار” ومن ثم تسميدها بالسماد الطبيعي بعدها تقسم الارض إلى مربعات صغيرة مقلمة توضع البذور في جوانب ما يسمى “التليم” او ” التلم” وبعدها تساوى التربة” بالمفرس” وتترك حتى تنمو البذور ويعتني بها حتى تصل الى أشجار”.
وبحسب الفلاح عبد الله الصلوي: “بعد عملية نمو البذور الى النبات الكامل، يجري تنقية القطعة من الحشائش الضارة (نقوة) وتفتح التربة جوار الأشجار يتم عمل احواض صغيرة جوارها من اجل الماء حتى تنمو بشكل جيد ثم تترك حتى يأتي موعد القلع”.

حصاد الفول السوداني: 
ويؤكد المهندس وديع، ان معظم قرون الفول السوداني تتكون في شهر أيلول/سبتمبر، ولكن حبّاتها تحتاج من شهر حتى 6 أسابيع حتى تنمو وتنضج، وفي حال حدوث صقيع أدّى إلى تلف أوراقها في وقت مبكر ستوفّر السيقان الغذاء اللازم للحبّات حتى تنمو. لافتاً إلى أنه يجب إبقاؤها في التربة حتى نهاية شهر تشرين الثاني/نوفمبر.
ووفقاً للمزارعين المحليين، يتمّ حصاد الفول السوداني في أرياف الصلو بالطرق التقليدية المعتادة في المنطقة، من خلال إخراجها من التربة باستخدام شوكة، وجمع القرون التي علقت في التربة ولم يتم إخراجها مع النبتة، ثم نزع القرون عن النبات فوراً، ووضعها في صوانٍ مسطّحة حتى تجف، ويوضع في أسطح المنازل، أو أيّ مكانٍ جاف، وخالٍ من الرطوبة.
ويختلف وقت حصاد الفول السوداني باختلاف تاريخ الزراعة ونوعه، اذ يتم حصاده بنفس طريقة حصاد البطاطا، أي عن طريق الحراثة حول النبات، في صباح يوم دافئ ومشرق، من اجل تجفيف القرون أو البذور وتخزينها.
يتم حصاد الفول السوداني في منطقة الصلو بطرق بدائية عن طريق عملية القلع بالفأس وعادة يتم الجني عن طريق الايادي العاملة بعدها يتم نقله للتجفيف والتخزين ومن ثم تسويقه في الاسواق المحلية مع اخذ في الاعتبار القيام بختيار كمية منه كبذور للموسم القادم.
ويقول لـ حلم أخضر، هلال الخطيب، أحد المزارعين في المنطقة: “زراعة الفول السوداني في الصلو موسمية وتعتمد بشكل اساسي على مياه الامطار، نزرع (اللوز) أي الفول السوداني، مرة واحدة في السنة، ويصادف موسم الامطار الذي نعتمد عليه بشكل اساسي في الزراعة”.
وأشار الخطيب إلى أن المديرية “تعاني من شحة المياه لهذا يلجأ المزارعين في المديرية بزراعة الفول السوداني في موسم الامطار فقط، ولا يتم تجربة زرعه في مواسم أخرى”.

الصلو: 3 أصناف للفول السوداني: 
يزرع الفلاحون في منطقة الصلو ثلاثة أصناف من الفول السوداني في أراضيهم الزراعية الجبلية. الصنف الأول: ثلاثي الحبه (اشفورد) وهو من الاصناف شبه المبكرة يحتاج 120 يوم تقريبا للنضج، ويزرع في الاراضي الخفيفة وهذا الصنف تم جلبه في فترات سابقة من المناطق الجنوبية المتاخمة للمنطقة، ومع مرور الوقت اكتسب بعض الصفات التي تميزه عن غيره من الاصناف.
أما الصنف الثاني من الفول السوداني، فهو فول سوداني رباعي الحبة ويعد من الاصناف المصرية وهو مبكر يحتاج 90 يوم ويزرع في مناطق التربة المتوسطة.
ويعتبر الصنف الثالث: المعروف لدى المزارعين بـ “البلدي” فهو من الاصناف التي دخلت للمنطقة في فترة متأخرة، وتتم زراعته في المناطق الدافئة نوعاً ما، في قرى: “البطنه”، “صعرة”، “القابلة”، وقرية “العزر”. وهو من الأصناف المتأخرة التي تحتاج لأكثر من 160 يوم.
وبحسب المصادر، تحتاج زراعة الفول السوداني الى الطقس الدافئ أو المعتدل بما يقارب من 20.25 م° عند النمو وأقل من ذلك خلال النضج. وزراعته تتطلب تربة مناسبة تكون خفيفة وليست خصبة كثيراً ومتوسطة الرطوبة وتهوية جيده لهذا يزرع في مناطق محددة في المديرية وليس في كاملها.

انتاج الصلو ضعيف للغاية: 
برغم ذلك كله، يعد انتاج مديرية الصلو لمحصول الفول السوداني ضعيف للغاية، -ولا يكاد يذكر- لأسباب كثيرة، أبرزها: شحة المياه، وانحسار زراعته في مناطق محددة، ولعدم اهتمام المؤسسات الزراعية الحكومية بدعم مزارعي الفول السوداني. على حد قول الفلاحين المحليين.
ولعل ما هو أهم: اعتماد السكان في مناطق الصلو على زراعة محصول الذرة بأنواعها كمحصول أساسي ومورد رئيسي للدخل لدى غالبية الفلاحين في المنطقة.
الأمر ذاته، ينطبق على ريف محافظة تعز. فإنتاج الفول السوداني في مناطق تعز، لا وجود له في إحصاءات وزارة الزراعة والري. اذ تصف محافظة تعز على أنها غير منتجة للفول السوداني في بيانات الإحصاء الزراعي برغم انتاج بعض مديريتها للفول السوداني -وإن بكميات قيلة- مقارنة بالمحافظات المنتجة.
يقول الفلاح هلال الخطيب: “الفول السوداني في الصلو قادر على المنافسة بجودته ومذاقه، لكنه -برغم هذا- يتم بيعه وتسويقه داخليا في المنطقة”.
ويضيف الخطيب: “في موسم الحصاد هناك من يمر للمزارعين في بيوتهم او حقولهم ويشترون الفول السوداني منهم وهناك البعض من المزارعين يسوقون المحصول خارج المديرية خصوصا في المديريات المجاورة وفي أسواق مديرية الدمنة دمنة خدير) وأسواق مدينة تعز، ولكن هذا يحدث بشكل نادر”، قال الخطيب.

اليمن: 1,515 طن فول سوداني: 
بحسب بيانات الإحصاء الزراعي في اليمن للعام 2018، يعد الفول السوداني من المحاصيل النقدية المزروعة في اليمن، وهي: البن، السمسم، القطن، التبغ، والفول السوداني. والتي تزرع في قرابة 20 محافظة يمنية جنوب وشمال البلاد.
في العام 2014، كانت مساحة زراعة المحاصيل النقدية في اليمن حوالي 84,152 هكتار. لكن هذه المساحة تقلصت جراء الحرب والأزمات وعدم الاهتمام بالزراعة حتى وصلت الى حوالي 74,778 هكتار في العام 2018، حسب إدارة الاحصاء والمعلومات الزراعية.
يتصدر البن، طليعة المحاصيل النقدية من حيث المساحة والإنتاج، تبلغ مساحة زراعة البن اليمني قرابة 32,984 هكتار، في حين يتراوح الإنتاج بين حوالي 19 -20 ألف طن في السنة. يليه محاصيل: التبغ والسمسم والقطن على التوالي.
في حين يأتي الفول السوداني من بين أقل المحاصيل النقدية المزروعة في اليمن. فنسبة المساحة الزراعية المنتجة للفول السوداني في البلاد تصل حوالي 3% من المساحة المحصولية للمحاصيل النقدية.
يزرع الفول السوداني بشكل رئيسي في محافظات أبين، ولحج، ومحافظة المحويت، بمساحة زراعية اجمالية تبلغ 2,141 هكتار. ويصل انتاج اليمن لمحصول الفول السوداني حوالي 1,515 طن فقط، حسب إحصاءات العام 2019.
تعد محافظة أبين جنوب شرق البلاد، أكثر المناطق زراعةً وانتاجاً للفول السوداني في اليمن، حيث تنتج 1,308 طن في مساحة تبلغ 1,879 هكتار، تليها من حيث الإنتاج محافظة لحج (المتاخمة لتعز والصلو) حيث تزرع الفول السوداني في مساحة تقدر بحوالي: 208 هكتار، ويصل إنتاج لحج للفول السوداني الى 186 طن في السنة.
وتأتي محافظة المحويت التي تنتج من الفول السوداني مايقارب57 طن في مساحة 54 هكتار. بحسب بيانات كتاب الإحصاء الزراعي للعام 2019.

الحرب وعدم الاهتمام بالمزارعين
يرى المهندس طلعت هائل، أن “قلة الوعي وعدم الاهتمام بالمزارعين من قبل الجهات الزراعية المعنية. وغياب خطط التسويق للمنتجات الزراعية، أدت إلى انحسار بيع المحصول داخلياً، وتراجع الانتاج عام بعد اخر”.
مضيفاً أنه: “إذا وجد اهتمام ولو بسيط بالمزارعين، من خلال ايجاد برامج تسويقية فان الانتاج سيرتفع والاقبال عليه ايضاً. وخصوصا أن الفول السوداني المنتج في الصلو ذو جودة عالية ومذاق قادر على المنافسة داخلياً وخارجياً”.
ربما كان اعتماد الفلاحين المحليين في منطقة الصلو، على زراعة أصناف الذرة والحبوب (برغم أهميتها) كمورد للدخل الاساسي لهم، الى جانب تأثير عوامل أخرى مثل التغيرات المناخية والجفاف وشحة الامطار، وتفاقم أزمة مادة (الديزل) الذي يعتمد عليه المزارعين لسحب مياه الابار وري الارض، قد حدت من انتشار الزراعة وتحديداً الفول السوداني.
وفي الآونة الأخيرة، تراجعت زراعة الفول السوداني (وغيرها) في المدرجات الجبلية في مديرية الصلو، نتيجة الحرب والمعارك التي وصلت لداخل المنطقة الريفية. حيث جعلت مهنة الزراعة محفوفة بالكثير من المخاطر. فخلال السنتين الأخيرتين، لم يستطيع كثير من الفلاحين من زراعة الفول السوداني بفعل الألغام والاشتباكات الدائرة بين حين وآخر.
المصادر:
بيانات الإحصاء الزراعي للعامين: 2018 – 2019، وزارة الزراعة والري، اليمن.
المصدر: موقع حلم أخضر
------------------