المحاصيل النقدية وأثرها في الاقتصاد الوطني

  • متابعات سوق اليمن الزراعي البيطري
  • نشر بتاريخ:21-08-2021
  • قراءات: 386

بقلم/ م.وليد أحمد الحدي

يُقصد بالمحاصيل النّقدية هي المحاصيل التي يتم بيعها لجني الأرباح وليس لغرض الطعام أو المعيشة، لهذه المحاصيل آثار إيجابية على الاقتصاد الوطني من خلال النشاط التصديري, وبالتالي رفد ميزان المدفوعات بالعملة الصعبة، كما أن لهذه المحاصيل دورا كبيرا في توفير الآلاف من فرص العمل, وتقليص معدلات البطالة، لذلك تُعد من العناصر المهمة جداً التي تنمّي الاقتصاد الوطني وتَرفُد الخزينة العامة .                                                                           
لجأت دول متقدمة ذات اقتصادات عملاقة وصناعات متطورة الى الاعتماد على المحاصيل النقدية عن طريق زراعة مساحات شاسعة من الصحاري وتحويلها الى أراض خصبة تُنتِج مُختلف الأصناف الزراعية, بعد أن تعاقدت مع شركات تجارية تضمن شراء تلك المحاصيل بسعر جيد بما يعرف اليوم بالزراعة التعاقدية، كان لتلك المحاصيل النقدية إضافات كبيرة لصالح الاقتصاد في تلك البُلدان، كما أنها استوعبت مئات الآلاف من الشباب العاطل وأدمجتهم في سوق العمل. من أهم ما يميز هذه المحاصيل أنها باتت تُنافس الصناعات حتى أنها تفوّقت عليها بسبب تحكمها في الأمن الغذائي لكثير من دول العالم نتيجة احتكارها لبعض المواد الغذائية الأساسية مثل مادة القمح والسكر المُحتكَر من قبل مجموعة دول لا تتعدّى عدد أصابع اليد الواحدة, ولذلك شكّلت المحاصيل النقدية مصدراً اقتصادياً مهماً لا يُمكن الاستغناء عنه، فهُناك أصناف من المحاصيل النقدية تُحتكر بواسطة بُلدان دون غيرها وأصبحت هي من تحدِّد أسعارها، فكيف اذا كانت هذه الأصناف مادة رئيسة يعيش عليها الإنسان, ولا يمكنه الاستغناء عنها كالقمح والشعير والذرة والدخن؟                                                                
 هنا تتجلى أهمية المحاصيل النقدية, حيث غَدَا مصير مُعظم بُلدان العالم معلّقا ومرهونا بيد بُلدان أُخرى، ما يضفي أهمية مضافة للمحاصيل النقدية، أي أن أهميتها غير محصورة فقط في تحقيق العامل الربحي بل تجاوز ذلك إلى السيطرة على أقوات الشعوب، ولا زال السباق محموماً بين دول العالم في سبيل الاستثمار في هذه المحاصيل.                                                                           
تتميَّز بلادنا بمجموعة من الأصناف الزراعية وهي من المحاصيل النقدية التي تُشكِّل أحد المصادر القومية، لهذه الأصناف خصائص لاقت استحساناً في كثير من الدول المستورِدة من ناحية المذاق والسعر المُنخفض، كما أن لبعض هذه الأصناف بصمة تاريخية وعلامه تجارية تربطها باليمن كالبُن الذي اشتهر به اليمن منذ مئات السنين, حيث خُصِّص له ميناء عالمي على ساحل مدينة المخا (MOKHA ) تزاحم فيه الأمريكان والهولنديين والطليان والبريطانيين لعقد صفقات شراء البُن اليمني، ومن هذا الميناء انتقلت شجرة البن  إلى دول عدة مثل البرازيل التي تصدّرت المركز الأول عالمياً في إنتاج وتصدير هذا الصنف، ورُغم تراجع البن في الفترة الماضية إلا إن المزارع اليمني اليوم بفضل الله أعاد مجد هذا الصنف من خلال زراعته والإعتناء به والحرص على تسويقه بشكل احترافي بصورة  تعكس جودته، حيث اقتحم البن اليمني المزادات العالمية وتفوَّق بشكل لافت جداً, وصُنِّف كأفضل بن في العالم بعد أن وصل سعر الكيلو الواحد من البن اليمني درجة أولى  إلى سعر خمسة وثلاثين ألف دولار أمريكي, وذلك ما شجَّع كثير من المزارعين على اقتلاع أشجار القات وزراعة البن كبديل نظراً للأرباح المُجزية التي تعود على المزارع منها، كان ذلك في منطقة شرق حراز وبني مطر والأهجر في محافظتي صنعاء والمحويت, وكذلك في العدين بمحافظة  إب وفي يافع بمحافظة لحج حينما قدّم المزارع هناك نموذجا رائعا في زراعة صنف يمكن أن يعود عليهم وعلى بلدهم بالخير والمنفعة .  

العنب ويُعَد من أشهر الأصناف التي اشتُهر اليمن بزراعته, حيث ضربت الأمثال العربية التي تتحدث عن جودته، ولعلك لن تجد له نظيرا ً حول العالم بمذاقه الرائع وتنوع أصنافه، يُنتَج من هذا الصنف أنواعا متعدّدة مثل العاصمي والرازقي والجبري والأسود، حيث تعتمد دول الجوار على الواردات اليمنية منه نظراً لجودته وتدني سعره، يُزرع العنب في مناطق واسعة من اليمن كخولان وبني حشيش وبني الحارث وسعوان في محافظة صنعاء, وكذلك في محافظتي صعدة وذمار، كما ينتج الزبيب اليمني الذي يُصدَّر  إلى دول الخليج ويلاقي رواجاً واسعاً ويتم إنتاجه من فائض العنب .                                                         
يُعَد المانجو ضمن المحاصيل النقدية المهمة الذي يتميز بتنوع أصنافه مثل السمكة وقلب الثور والسوداني والزبدة والتيمور ذي الجودة المتميزة، يُزرع هذا الصنف في مناطق تهامة بمحافظتي الحديدة وحجة وكذلك في محافظة لحج ومحافظة تعز التي تُنتِج نوع البركاني، ويُصدَّر الى دول الجوار بشكل كبير حيث يلاقي رواجا وتمتلئ الأسواق الخارجية به, ويفضله كثيرمن المستهلكين نتيجة سعره المنخفض وجودته .

من ضمن المحاصيل النقدية الرمّان الذي اشتهرت محافظة صعدة بزراعته وكذلك محافظة ذمار, حيث يتميز هذا الصنف بمذاقه الفريد الذي لا يُضاهيه نوع من أي بلد، تُصدِّر اليمن عشرات آلاف الأطنان من هذا الصنف  إلى دول الجوار ، كما تمتلئ به الأسواق المحلية في جميع محافظات الجمهورية, حيث يصل إلى أسعار مُنخفضة تمكِّن الجميع من شرائه، ومن ضمن المحاصيل النقدية  المهمة التي غزت حديثاً دول الخليج العربي البصل الأحمر(بافطيم) الذي يُزرع في مديرية سيئون بمحافظة حضرموت، ونتيجة الطلب الكبير على هذا الصنف الذي يفضله المستهلك الخليجي على البصل المصري والهندي يتم تصديره بأسعار قياسية و تتسابق كبار الشركات المستوردة على شرائه .                                                                          
كما تُنتَج أصناف عديدة من الفواكه في مختلف المناطق في اليمن مثل البطيخ والشمام في محافظات الحديدة ومارب وأبين ولحج وحضرموت والمهره، كذلك يُنتَج البلح في محافظتي الحديدة وحضرموت والمهره، والموز الذي يزرع في محافظات أبين ولحج والحديدة وصعدة, بالإضافة إلى مختلف المحاصيل من الخضروات كالبطاطس والورقيّات بأشكالها وأنواعها, والجزر والبيبار والبصل والثوم والكوسا والباذنجان والكرنب والليمون والخيار والتي يتم تسويقها وبيعها في الأسواق المحلية محقِّقة أرباح مُجزية للمزارعين.                                                       
الجدير بالذكر أن لتلك المحاصيل النقدية دورا كبيرا ومهما في إنعاش الاقتصاد الوطني، ودعم المزارع اليمني الذي يقدم جهداً لا يُستهان به، لكن تلك الجهود لا زال يشوبها الكثير من الاختلالات والعشوائية, وهي بِحاجة إلى دعم واستراتيجية زراعية تنظِّم زراعة هذه المحاصيل بشكل أكبر بما يعود على المزارع والدولة بالمنفعة، وأن تتبنى الأخيرة إيجاد حلول لمشاكل شحّة المياة ودعم الجهود البحثية التي تعمل على زيادة الإنتاج وتحسين النوع وتسويق تلك المحاصيل بطُرق احترافية تتطابق مع المقاييس والمواصفات العالمية، ودعم زراعة مادة القمح حتى تُصبح ضمن المحاصيل النقدية، وكذلك الاهتمام بزراعة القطن الذي يلقَّب بالذهب الأبيض نظراً للدخل الكبير الذي يشكله .                                      
رئيس الجمعية اليمنية لحماية وتشجيع الإنتاج المحلي


 ‏
------------------